الصحة الفلسطينية: نقص الأدوية والمستلزمات يهدد حياة مئات آلاف المرضى في غزة
الصحة الفلسطينية: نقص الأدوية والمستلزمات يهدد حياة مئات آلاف المرضى في غزة
تشهد المنظومة الصحية في قطاع غزة حالة استنزاف حاد وغير مسبوق بعد عامين من الحرب والحصار المستمر، ما أدى إلى انخفاض شديد في قدرة المستشفيات والمراكز الصحية على تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية، وأدت هذه الأزمة إلى شح كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى نقص المواد المخبرية الأساسية، ما جعل القطاع الصحي يعيش على شفا الانهيار.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة في بيان، اليوم الأحد، إن رصيد 321 صنفاً دوائياً من قائمة الأدوية الأساسية أصبح صفراً، بينما بلغ عدد الأصناف الصفرية من قائمة المستهلكات الطبية 710 صنفاً، كما أشارت الوزارة إلى أن نسبة العجز في قوائم الفحوصات المخبرية وبنوك الدم وصلت إلى 59%، ما يعكس حجم الأزمة وتأثيرها المباشر على حياة المرضى.
أزمة الطوارئ والعناية المركزة
تأثرت الخدمات الصحية الأساسية بنسبة كبيرة، فبلغت نسبة العجز في خدمة الطوارئ والعناية المركزة 38%، ما قد يحرم نحو 200 ألف مريض من الاستفادة من خدمات الطوارئ، و100 ألف مريض من العمليات الجراحية، بالإضافة إلى 700 مريض في خدمة العناية المركزة، وقد أدى هذا النقص الحاد إلى وضع حياة المرضى الأكثر حاجة إلى التدخل الفوري في خطر حقيقي.
حرمان مرضى الكلى والأورام من العلاج
تعاني قوائم خدمات الكلى من عجز حاد، ما أدى إلى حرمان نحو 650 مريض غسيل كلى من تلقي العلاج المنتظم. كما بلغ نسبة العجز في خدمات الأورام 70%، مما أدى إلى حرمان نحو 1000 مريض من تلقي العلاج اللازم، وقد توفي عدد من المرضى نتيجة عدم استكمال البروتوكولات العلاجية.
كما أشار البيان إلى أن 62% من أدوية الرعاية الأولية غير متوفرة، بما لا يلبي احتياجات نحو 288208 مريض، مما يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة مثل الجلطات الدماغية والقلبية، التي لا تتوفر لها أي تدخلات علاجية أو تشخيصية، ما يهدد حياة هؤلاء المرضى بشكل مباشر.
توقف كامل لخدمات متخصصة
توقفت بالكامل خدمات القسطرة القلبية وجراحة القلب المفتوح، حيث أصبحت جميع الأدوية والمستهلكات الطبية لهذه الخدمات غير متوفرة، ويتم تخصيص ما يمكن توفيره فقط للحالات الطارئة التي تهدد الحياة مباشرة.
كما توقفت بنسبة 99% عمليات العظام المجدولة نتيجة عدم توفر مثبتات العظام والمستلزمات الضرورية لإجراء العمليات المعقدة، وتواجه العمليات التخصصية لمرضى العيون خطر التوقف، ويجري حالياً الحد الأدنى من العمليات المجدولة بسبب نقص الأدوية والمستهلكات الطبية، بما في ذلك القطرات الأساسية اللازمة للفحص الأولي للعيون.
نقص فحوصات وانعدام أدوات التشخيص
أوضحت الوزارة في قطاع غزة أن 59% من الفحوصات المخبرية الأساسية غير متوفرة، بما فيها فحوصات صورة الدم، وأملاح الدم، وتحديد وحدات الدم، والمزارع البكتيرية، والفحوص الطبية لمرضى الفشل الكلوي، ويترتب على هذا النقص حرمان المرضى من تدخلات علاجية قد تنقذ حياتهم، ما يعكس حجم المخاطر التي تواجه المنظومة الصحية في غزة.
نداء عاجل لإنقاذ المرضى
وجهت وزارة الصحة الفلسطينية نداء عاجلاً إلى الجهات المعنية كافة لممارسة دورها الكامل في إحداث تدخلات طارئة، بما يضمن وصول الإمدادات الطبية والاحتياجات الأساسية للرعاية الصحية، وأكدت الوزارة على ضرورة السماح بإدخال قوائم الأدوية والمستهلكات الطبية بشكل منتظم إلى المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، لإنقاذ حياة المئات من المرضى والجرحى الذين يحرمون من الدواء ومن السفر لاستكمال علاجهم خارج القطاع.
وحذرت الوزارة من أن أي تأخير أو مماطلة في تعزيز القوائم الدوائية سيؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية وشلل تام لمجمل ما تبقى من مستويات الرعاية الطبية في القطاع، ما يجعل سكان غزة أكثر عرضة للخطر وتهدد حياة آلاف المرضى يومياً.
قطاع غزة يعاني منذ سنوات من حصار مستمر أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة انعكست بشكل مباشر على النظام الصحي. ويبلغ عدد سكان القطاع نحو مليوني نسمة، يعيش معظمهم في ظروف مأساوية نتيجة محدودية الموارد وانقطاع الكهرباء المتكرر وشح المياه النظيفة.
وتتوزع خدمات الصحة في غزة على مستشفيات عامة وخاصة، ومراكز للرعاية الأولية، لكن النقص الحاد في التمويل والأدوية والمستلزمات الطبية جعل هذه المؤسسات عاجزة عن تلبية احتياجات السكان، وقد ازدادت الأزمة سوءاً بعد الحروب الأخيرة على القطاع، حيث تضررت البنية التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية، وتفاقمت مشكلة نقص الأطباء والممرضين، إضافة إلى زيادة الطلب على الخدمات الطبية نتيجة الإصابات والحالات الحرجة.
ويشير خبراء الصحة إلى أن استمرار الحصار ونقص الإمدادات الطبية سيؤدي إلى كارثة صحية، مع ارتفاع معدلات الوفيات بين المرضى المزمنين، وفشل المستشفيات في تقديم أي تدخلات علاجية لإنقاذ حياتهم، ما يجعل التدخل الدولي والإغاثة الطارئة ضرورة ملحة لتجنب انهيار النظام الصحي في غزة بالكامل.










